تسأل الداعية السلفى عن نمص الحواجب ونتف شعيراتها فيصرخ: حرام حرام، فهو تغيير لخلق الله ناقص كمان تتعطر فتصبح زانية!! وعندما تسأله عن بتر البظر، الذى يسمونه فى البلاد المحترمة المتحضرة «البتر التناسلى للإناث»، يأتيك الرد بنفس درجة الصراخ وتون التقريع: ختان الإناث حلال حلال بلال، إنه طهارة حتى لا تهيج الأنثى كلما احتكت ملابسها بالبظر، وحتى يحظى زوجها بمتعته!! طبعاً مليون طظ فى متعتها هى كزوجة، فهى مجرد مرحاض لسيادته يفرغ فيها شهوته كما يفرغ فى المبولة مثانته!! هى مجرد مفعول به عليها أن تلبى رغبته وتطفئ فحيحها وتأججها متى طلب وأينما شاء وإلا لعنتها الملائكة!!! استمعت الممرضة «أم ميار» إلى هذا الكلام، زُرعت فى دماغها هذه الفزّاعات، ذهبت بطفلتيها التوأم إلى حيث الطبيبة معدومة الضمير، طلبت منها تطهير نجاسة البنتين وتخليصهما من أدران وقذارة هذا العضو الشيطانى، ماتت إحدهما، وهى ميار، أثناء تلك العملية الإجرامية البربرية، نزفت حتى الموت، وصل تزييف الوعى بالممرضة إلى حد الدفاع عن الطبيبة ومحاولة إنقاذها لأن تجار الدين وسماسرة الفتاوى أقنعوها بأن تلك الطبيبة تنفذ إرادة الله، حاولت خداع مفتش الصحة بأن الجراحة كانت لإزالة كيس دهنى!! ممرضة وملاك رحمة تموت طفلتها من النزيف بسبب جهلها وتخلّفها وتفكر وتخطط لإنقاذ طبيبة من العقاب الذى تستحق أضعافه، لا بد لمثل هذه الطبيبة أن تُشطب من النقابة وتُمنع من ممارسة المهنة باقى عمرها وتسجل فى قائمة العار لجزارى أطفال مصر من الأطباء السفاحين الذين طبّبوا الختان ومرّروه للعامة على أنه إجراء صحى، وهو فى الأساس سبوبة. عندما ذهبت إلى كينيا سنة 2004 ضمن وفد مجلس الطفولة والأمومة لحضور مؤتمر عن الختان فى نيروبى، تأكدت أن ختان الإناث عادة أفريقية لا صلة لها بدين ولا بفراعنة ولا بمراجع طب، وليست كل أفريقيا، ولكن بالتحديد دول حوض النيل هى التى فيها أغلبية الضحايا، وتقف على رأس القائمة للأسف الشديد مصر. أقولها بمنتهى الخجل والحزن والغضب، خجل من النسبة المهولة الرهيبة، وحزن من الحال الذى آل إليه عقل مصر الذى لا يريد أن يتزحزح من منطقة التغييب باسم الدين والعادات والتقاليد إلى منطقة التغيير باسم التطور والتحضر واحترام حقوق المرأة. شاهدت فى كينيا ما يطلقون عليه للأسف الختان الفرعونى، بشاعة تتجاوز أفلام الزومبى ومجازر داعش، تساق بنات بعض القبائل هناك إلى حيث الداية التى تبتر البظر والشفرتين معه، ثم تقوم بخياطة فتحة المهبل بحيث تترك فتحة صغيرة للبول ونزول الدورة الشهرية، تسلم البنت لزوجها بعد ذلك صاغ سليم خالية من عيوب الصناعة فرز أول، بالطبع تتعرض لجراحة أخرى لإزالة التليف الرهيب الذى حدث نتيجة هذا الختان البشع!!، شاهدت كل هذه المشاهد فى المؤتمر وتحاورت مع بعض السيدات الكينيات اللاتى تعرضن لهذه المجازر. وبرغم أننى كنت قد كتبت كتاباً مفصّلاً عن تلك الظاهرة اسمه «الختان والعنف ضد المرأة» فإننى لم أكن أتصور مدى المعاناة إلا عندما حكت لى سيدات كينيا المختونات بتلك الطريقة حكاياتهن المرعبة. يقف ختان الإناث كوصمة عار ووشم تخلف وجرسة وفضيحة وراية تراجع وردّة نتيجة جهل وكراهية لكل من تحمل تاء التأنيث وتحميل المرأة كل «كلاكيعنا» وعقدنا وكبتنا وتشوهاتنا لكى نهرب كرجال من مواجهة أنفسنا بصدق. رحم الله ميار وأتمنى الرحمة بعقل مصر من الخرافة والجهل والتخلف.